كم هي حقيرة تلك الحياة التي نتغني بجمالها و بهائها؟
لم أصدق ما سمعت للحظة الأولي شخص لا أعرف عنه سوي أنه منضبط ولديه أولاد-معظمهم أصدقائي- لا يدخن و لا يشرب أي مشروبات روحية أو غيرها و لم يكون مصابا بارتفاع ضغط الدم...باختصار كان صاغ سليم كما يقولون و فجأة تأتي جملة واحدة
مصاب بانسداد في خمسة شرايين و اجراء عملية في القلب هي مسالة حتمية
هناك شخص سيرد ذكره يوما ما اعرفه جيدا جدا سمعته يقول للطبيب عندما أخبره بحتمية استئصال الزائدة الدودية بأن هذا ظلم! و بأنه يرغب ان يعيش ثم أنه في ريعان شبابه فلماذا تصيبه الأمراض؟
ثم أدركت بهدوء أن القدر ليس لديه قلب لكي يحابي هذا أو يختار ذلك لأنه لو كان لديه واحدا لفني الشيوخ جميعا و لما أصاب الشباب شيئا
بارد محايد كذلك الجالس علي مائدة الروليت ينتظر البلوي لتسقط في خانتك ثم يعلن أنك صاحب النصيب و يلقي عليك بالهموم
القدر لا يبكي احدا حتي لو كان رضيعا... و هو عنيد مهما أتخذت من احتياطات سيأتي اليك بنوائبه... كم أنت ظالم أيها القدر لو تعرف مرة أنك أصل البلوي لتوقفت عن عبثك معنا....لو تعرف أن ألاعيبك صارت مملة ننتظرها بقلق لا بشغف كل يوم لراجعت نفسك مرارا
كم أتمني أن تحاسب نفسك و تنظر الي هؤلاء الباكين........مرة
..................................
نحن أيضا لسنا نبلاء لماذا؟
هل سألت نفسك عن الذي حدث في العراق الخمسة سنوات الماضية؟
هذه ليست مزحة و كذلك ليست "كلام انشاء" كما يقولون دعني اخبرك بما حدث تعاطفت مع الجميع من خلال قناة الجزيرة ثم تابعت الموضوع لشهور عدة ثم صارت المسالة مجرد أرقام علي الشاشة و في الصحافة و الأنترنت
و هو ما حدث مع الانتفاضة الفلسطينية و الغارقين علي سواحل أوروبا من المصريين و سنوات الحكم التي قضاها الرئيس في الحكم
و هو ما تذكرته منذ يومين فقط أنه بحلول نوفمبر القادم تكون أمي-رحمها الله- قد مر علي وفاتها أثني عشرة سنة كاملة فأين كنت أيها القدر؟ عجيب هو أمرك حين تدس النسيان في الحزن ولا أدري أن كانت نعمة أم نقمة؟
و قد قرأت مرة في رواية أن الأسود حين تموت رفاقها تعيش في حزن أبدي ولا تختار لها رفيقا جديدا....كذلك الأفيال حين تعلم بدنو أجله فأنها تسير وحيدة الي المكان الذي تعتقد أن نهايتها ستكون فيه و تقوم بحفره بأنفسها..... أما نحن فنأمن علي حياتنا ببوليصة تأمين علي الرغم من جهلنا بالموعد كم أنت مضحك أيها القدر حين تنعتنا بأننا الرئيسيات في عالمك ... عالمك الذي يعيش فيه الجميع محاولين فك لغز لن يحله احد.... و نجاهد للاحتفاظ بمقاعدنا في قطارك الذاهب للمجهول.... مهما ظلمت و أعطيت من لا يستحق و خفضت من أجرنا عن
دورنا في فيلمك الهابط
.....................................
تخيلوا معي موظف يعمل بهمة و نشاط يقوم رئيسه بتخفيض أجره الي ما دون النصف لا لشيء الا لمجرد التسلية برؤية و جهه و هو حزين
ثم يوافق هذا الموظف علي الاستمرار في عمله بالأجر الجديد و يظهر منتهي الأخلاص لرئيسه هل رأيتم خسة أكثر من ذلك؟
ماذا ينقصه ليعلن التمرد و الرفض؟
لحظة واحدة من الشجاعة....لحظة واحدة من التمرد....عندها سيمتنع هذا الموظف عن الذهاب الي عمله و ستذهب الأفيال الي قبورها في هدوء....و سيرفض عمر مكرم أن يدفع الجزية لأعدائه الفرنسييين مختارا أن يموت بشجاعة.... و سيذهل أفلاطون تلميذ سقراط
برفض الأخير للخطة التي وضعوها لهروبه حين علم أن الأثينييين يخططون لقتله قائلا بهدوء و ابتسامة: لقد أدرت ظهري لهذا العالم الدنيء