The godfather cast

Thursday, May 15, 2008

القطار


اسفل كوبري 45 يجلس سيد كومة من الخرق البالية و الروائح الكريهة و زجاجات الكحول الأحمر عمرها 35 عام.... لايعرف أحد علي وجه التحديد متي جاء هنا و لماذا و لكن أتفق الجميع علي تجنبه و كأنه مجذوم.....قطعة من القذارة أتت من قلب الجحيم لا يدري عنها أحد شيئا و لو ظلت علي حالها ألف عامالاستثناء الوحيد ممن سبقوا هو عم شعبان قهوجي أحدي القهاوي البلدي التي يجلس عليها الصعايدة كما تجري العادةأعتاد شعبان زيارة سيد في رقدته التي لم يفعل شيئا سواهامنذ أن رآه الناس مرتين مرة في السادسة صباحا بعد أن ينثر الماء لتلطيف الجو و هو يهييء القهوة لاستقبال الزبائن فيأتي له برغيف من الخبز الطازج و طبق به قطعة جبن و أحيانا عسل بطحينة أو الغذاء الرسمي الفول.....يتبادل معه كلمات مقتضبة للغاية قبل أن يأتي الشناوي صاحب القهوة الذي يكره رؤية وجه سيد في الصباح لأنه فأل شؤم

أزيك يا سيد صباحك أشطة

زي ماناأيه الجديد يعني

قوم صلي ركعتين لله يبني و ربنا يفرجها

عمري ما سمعت أنهم صلوا و سكنوا في ش أسكندر ابراهيم بعديها

هما مين دول يبني استغفر الله

اللي واكلين حقي

انت لساك عالحال ده يبني لو ليك ناس كانوا دوروا عليك من زماان قوم أجري علي رزقك و قول يا باسط انا ممكن أقول للمعلم شناوي يشوفلك شغلانة و هو تلاقي اللقمة و النومة

بقولك بيوت و فلوس و عمارات و نسوان بيضا.. تقولي شناوي و لقمة و نومة يا عم أرجع ربنا يسهلك الحال

يا حول الله

أجهز سيد في ثوان علي افطاره و جذب ز جاجة من الكحول خلع رأسها بأسنان صفراء متسخة... شعر بنيران معتادة تسري في حلقه

هرش بيده في شعره الكثيف المتشابك كشجر الشلالات..... منذ أمد بعيد و هو يعلم أن له أقارب في شارع اسكندر ابراهيم........حرفيا يفصله عنهم الكوبري الذي يأتي القطارمن فوقه كل لحظة ليذكره بعالمه و عالمهم....الفارق بين سرداب عالمه المصنوع من الطين والجوع

وفضاء عالمهم المصنوع من العسل و الذهب.....بين نظرة احتقار هي جائزته التي يحصل اليها للاشييء و بين معانتهم في عد النقود التي حصلوا عليها دون جهد....أن الثروة تورث كالعيون الزرقاء و طول القامة و الشعر الكستنائي....أما سوء المصيرو المعدة الخاوية و النحس فهو لم يرثه بل نبت له كصبار في صحراء حياته القاحلة....تري ماذا ستفعل له نقود الشناوي القليلة في حياته المطعمة بالغضب و الحرمان هذا لو شغله الشناوي أصلا...... هاهو الشناوي يجلس بكرشه الضخم ليدخن أحجرة المعسل في شراهة شاخطا في هذا و ناهرا في هذا يستعبدهم ويمتص رحيق شباب من يعملون لديه ليحصل هو علي النقود و يلقي اليهم ببقايا و جبته الدسمة من بين أنيابه

عندما أتي المساء قام بصعوبة بالغة للغاية و هو يأمر جسده بالتخلي عن رقدة أزلية

عبر الشارع الخالي زحفا و هو يعرق وكانه يحتضر أستند الي مقدمة سيارة نصر قديمة وو قف علي قدميه الرفيعتين كقدمي يتيم

القي نظرة من بعيد علي شعبان و هو ينظر للأرض و الشناوي يطلق في وجهه سبابه المختلط بلعابه كعادته حين يتأخر عن أحد الزبائن

صعد درجات السلم المفضية الي شريط القطار و احدة تلو الأخري و قلبه يثب بين ضلوعه هلعا و فرحا

بعض أطفال الشوارع الحفاة ممن يعرفونه صرخوا من بعيد عليه.....درجة تلو درجة راح يلعن الجميع أقاربه و شعبان و الشناوي و الجميع بصوت مرتفع بعض النا س تجمعوا في فضول ليروا ذلك الراقد في الثري منذ الأزل و هو يحاول كما أعتقدوا الانتحار

لم يدري سر تلك الصرخات و هو يجاهد بكل ارادته للسير مخرجا عزمه من التراب الذي أنطمر فيه لعقود......و طامسا أذنيه بشمع المثابرة

عن صوت القطار الذي يقترب في الأفق.......و بعضهم يصرخ عليه حتي و صله صوت شعبان....... أغلق أذيه و واصل السير فلم يعد هناك أهم من العبور

3 comments:

3LY said...

حتى لو راح لقرايبه حا يعملوله اية ؟ حايأكلوه و ينيموه لغاية امتى ؟ لازم يعبر القطار و يترك قعدته التي اعتاد عليها و لكن ليس لكي يجلس في مكان اخر !!!!!! اسلوب الكتابة هنا سهل و اعجبني شخصيا لأنه يعطيك الفرصة للابداع في القصة و ليس في اختيار الفاظ "صعبة و خلاص " تحياتي

The Alien said...

معاه حق
ساعات الواحد بيحس إنه خلاص .. مفيش حاجة تنفع
وأي حلول هي عبث

بيعجبني أسلوبك
تحية كبيرة

EGYPT EYES said...

بوست أكثر من رائع
ربما لاتصدق لكني أعرف سيد هذا (:
تحياتي لك